خبراء أكدوا لـ"السياسة" أن الاستثمار طويل الأجل بات خياراً مستقبلياً واعداً مروة البحراوي "عقار" صفحة أسبوعية تنشرها جريدة "السياسة"، متخصصة في القطاع العقاري، ترصد آخر التطورات وأبرز الأحداث الفنية والقانونية والاقتصادية لفئات القطاع المختلفة "الخاص" و"الاستثماري" و"التجاري" و"الحرفي" و"المعارض"، فضلاً عن نقل آراء المختصين بهذا الشأن لأهميته باعتباره ثاني أكبر قطاعات البلاد الاقتصادية. قيس الغانم: المواطن الكويتي لا يملك أدوات استثمارية جديدة تواجه جمود السوق
جيهان معرفي: القوانين التنظيمية ستعيد تشكيل القطاع العقاري على المدى البعيد
سبيكة البحر: الانتقال من "اشتري اليوم لتبيع غداً" إلى "تملك اليوم لتجني مستقبلاً"
يحتل القطاع العقاري المرتبة الثانية بين الاستثمارات المدرة للدخل في الكويت بعد القطاع النفطي، وعلى مدى أكثر من أربعة عقود شهد القطاع العديد من التقلبات والتغيرات الاقتصادية والجيوسياسية التي أثرت بشكل كبير على حركة التداول وشكل الاستثمار العقاري في هذه الحقبة أو تلك.
"السياسة" التقت بعدد من خبراء العقار للتحاور معهم عن "اتجاهات بوصلة الاستثمارات العقارية المحلية خلال الربع الثاني من العام 2025.. وإلى أين تتجه؟" فالمعطيات السياسية والاقتصادية المحلية مغايرة، والأجواء الاقتصادية والجيوسياسة متقلبة، فما هو الاستثمار العقاري الأمثل والأكثر جذبا للشركات والأفراد في ظل هذه الظروف؟ وهل تشير بوصلة الاستثمار إلى المضاربة العقارية أم ستأخذ منحى مغايرا يلائم التشريعات والقوانين الجديدة؟ وغيرها من التساؤلات..
وأكد الخبراء أن الاستثمار المدّر للدخل أصبح هو الخيار الأفضل للمستثمرين العقاريين في الكويت لعام 2025، على حساب المخاطرة بالمضاربة على ارتفاع الأسعار، وأشاروا إلى توجه الشركات والمستثمرين حاليا نحو إنشاء محفظة من العقارات التي توفر دخلًا ثابتًا ومستمرًا، مما يوفر أمانًا ماليًا على المدى الطويل، وشراء العقارات القديمة بغرض إعادة تطويرها أو هدمها وبناءها مرة أخرى بصورة حديثة، بما يعزز مفهوم "التطوير العقاري" بوصفه خيارا استثماريا مستقبليا واعدا.
أدوات الاستثمار
بداية، قال الخبير العقاري رئيس مجلس إدارة جمعية المقيمين العقارية الكويتية قيس الغانم أن المواطن الكويتي لايملك أدوات استثمارية كافية لاستثمار أمواله في حال جمود الأسواق، وأن الاستثمار العقاري الكويتي يدار وفقا لما هو سائد بالدولة في هذا العصر أو ذاك، لافتا إلى أن الموجة السائدة في الوقت الحالي هي الاستثمار بالأسهم والعقار الاستثماري.
وأضاف حركة العقار حاليا شبه متوقفة وأكبر دليل على ذلك قلة عدد المبيعات مقارنة بالشهور الماضية، فاحصائيات وزارة العدل تعكس انخفاض التداولات العقارية، لاسيما العقارات الخاصة مثل الشاليهات البحرية والمناطق الصناعية، لافتا الى أن التشريعات العقارية أثرت بشكل كبير على هذه التداولات، إذ أن الرسوم التي فرضتها الحكومة على منطقة الشويخ الصناعية والشاليهات أثرت بشكل واضح على القطاع، وأدت إلى تخوف المستثمرين خاصة بعد هدم شاليهات في منطقة الدوحة دون أي تعويض مما أثار تخوف المستثمرين.
وفيما يخص القطاعات الأخرى، أشار الغانم إلى أن تحليل القطاع الاستثماري على سبيل المثال يتوقف على عدة تساؤلات منها، هل هناك زيادة في عدد الوافدين؟ هل ارتفعت قيمة الايجارات؟ وبالطبع الإجابة ستكون لا، فعدد الوافدين كما هو، وفيما يخص الايجارات بالفعل زادت الايجارات في بعض العقارات ما بين 20 إلى 30 دينارا للوحدة ولكن هذه الزيادة لا تعني رفع العقارات الاستثمارية بالشكل المطلوب.
وأكد ان الكويت دولة صغيرة وأدوات الاستثمار فيها قليلة، فالعقار السكني حاليا شبه متوقف ويشهد هبوط في أسعار بعض المناطق، كما أن ثقل قيمة العقار التجاري تفرض الاستثمار على بعض المستثمرين ممن يملكون المعطيات الكافية للشراء، لافتا إلى أن تشريعات العقارات الحرفية وفرض رسوم تصل إلى عشرات الآلاف من الدنانير أثر على حركة البيع والشراء.
عوامل متداخلة
من جانبها، أكدت المقيمة والوسيطة العقارية جيهان معرفي أن القطاع العقاري الكويتي شهد تغيرات ملحوظة لجهة مسار الأسعار والطلب خلال الربع الأول من العام الحالي، خاصة في القطاع السكني الذي سجل انخفاضا ملموسا في الأسعار مقارنة بالسنوات السابقة، وربما يعود السبب في ذلك إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، أبرزها تشدد الجهات الرقابية المعنية وعلى رأسها بلدية الكويت في تفعيل تطبيق القوانين واللوائح المنظمة لعملية البناء من إصدار شهادة الأوصاف والحزم في التعامل مع مخالفات البناء وفرض ضوابط قوية أثرت بشكل مباشر على حركة التداول العقاري وأحدثت تباطؤا واضحا في السوق.
وأضافت أن تأثير مخالفات البناء لم يقتصر على العقارات السكنية، بل انسحب أثره أيضا على العقارات الاستثمارية ذات العائد الإيجاري الذي يعتمد عليها العديد من المستثمرين كمصدر دخل مستدام، فقد تراجع الطلب على هذا النوع من العقارات نتيجة لتشديد الرقابة، الأمر الذي أدى بدوره إلى تراجع عمليات المضاربة العقارية ودخول السوق في حالة من الركود النسبي سواء في القطاع السكني أو الاستثماري.
إعادة تشكيل القطاع
وقالت معرفي إن مجموعة العوامل المتداخلة دفعت المستشثمرين إلى سلك نهج جديد للاستثمار العقاري يعتمد على شراء العقارات القديمة بغرض إعادة تطويرها أو هدمها وبنائها من جديد بما يتماشى مع متطلبات السلامة والمعايير الهندسية الحديثة، مؤكدة أنه وبالرغم من أن التأثير الواضح لتفعيل القوانين التنظيمية على خفض الأسعار في الوقت الراهن سيساهم على المدى المتوسط والطويل في إعادة تشكيل القطاع العقاري بصورة أكثر تنظيما وتطورا، ويعزز من مفهوم "التطوير العقاري" بوصفه خيارا استثماريا مستقبليا واعدا، بما يرتقي بالمشهد الحضري ويلبي طموحات التنمية المستدامة.
وأكدت أن القطاع العقاري الكويتي يمر حاليا بمرحلة إعادة تشكيل، حيث يتم الانتقال تدريجيا من مرحلة المضاربات السريعة إلى مرحلة الاستثمار طويل الأجل القائم على التطوير والجودة والالتزام بالمعايير التنظيمية والهندسية الحديثة، لافتة إلى أن هذه التغيرات، وإن بدت تحديات في المدى القريب، إلا أنها من المتوقع أن تسهم في بناء سوق عقاري أكثر استقرارا وشفافية، يعزز من بيئة الأعمال ويواكب خطط التنمية الحضرية في البلاد.
وأضافت: من هنا يظهر دور المطور العقاري المحترف كأحد العوامل الحيوية في دفع عجلة التطوير المستدام، إذ أصبح مطلوبًا من المستثمرين والمطورين العمل ضمن الأطر القانونية والهندسية الحديثة لتحقيق بيئة سكنية واستثمارية ذات طابع حضاري متطور يتماشى مع رؤية الكويت المستقبلية.
الاستثمار المستدام
بدورها، أشارت الوسيطة العقارية سبيكة البحر إلى أن توجه المستثمرين العقاريين في الكويت سابقا كان منصبا بشكل رئيسي على عمليات المضاربة، أي شراء العقار بغرض بيعه بسرعة بعد ارتفاع سعره لتحقيق ربح سريع، وكانت هذه الطريقة منتشرة بشكل كبير خاصة في فترات ازدهار السوق، حيث كانت الأسعار ترتفع بشكل مستمر وسريع.
أما اليوم، ومع التغيرات الاقتصادية والتشريعية، أصبح توجه المستثمرين مختلفًا فالاستثمار الجديد لم يعد يقوم فقط على المضاربة، بل انتقل إلى الاستثمار المدّر للدخل، وأصبح المستثمرون يفضلون تملك عقارات تحقق لهم عائدًا شهريًا ثابتًا عبر التأجير، سواء في الشقق السكنية، المكاتب التجارية، المجمعات الصغيرة والمخازن والمستودعات اللوجستية.
وأكدت أن التفكير الاستثماري الحالي انتقل من "اشتري اليوم وبيع غدا" إلى "تملك اليوم لجني دخل مستدام"، لافتة إلى وجود عدة انواع من العقارات المدرة للدخل التي تزايد الاهتمام بها من قبل المستثمرين خلال العام الحالي، منها الشقق السكنية المؤجرة أي الشقق السكنية التي يتم تأجيرها لفترات طويلة أو قصيرة، وتحقق دخلاً ثابتًا من الإيجارات الشهرية، والمكاتب التجارية، مثل مكاتب تأجير للشركات أو الأفراد خاصة في المناطق التجارية، المجمعات التجارية الصغيرة
الـPlaza Mall، المخازن والمستودعات اللوجستية، العقارات الفندقية والشقق الفندقية والعقارات الطبية. الوسيط الإلكتروني ورسوم الفضاء والتمويل والمزادات
أكدت الوسيطة العقارية جيهان معرفي أن هناك عدة عوامل تؤثر في شكل الاستثمار العقاري في الوقت الراهن، وهي:
1ـ تغير سياسات التمويل البنكي.
2ـ تفعيل قانون رسوم الفضاء.
3ـ تأجيل المزادات العقارية.
4ـ تفعيل "دفتر الوسيط الإلكتروني" وربط العقد الابتدائي بجاهزية الأوراق الرسمية. 6 مؤشرات تدعم مواصلة المسار التصاعدي للعقار
قالت سبيكة البحر إن المؤشرات الأولية للسوق العقاري مع بداية الربع الثاني من العام تشير إلى مواصلة المسار التصاعدي، ولكن بوتيرة أكثر هدوءا مقارنة بالربع الأول، لافتة إلى وجود ستة عوامل تدعم هذا المسار، تتلخص في النقاط التالية:
1ـ استمرار الطلب على العقارات السكنية.
2ـ ارتفاع أهمية العقارات التجارية الصغيرة.
3ـ تزايد الاستثمار في العقارات المدرة للدخل.
4ـ حذر في المضاربات العقارية.
5ـ التوسع في مشاريع الشراكة مع الحكومة.
6ـ توقعات باستقرار الأسعار مع ميل بسيط للارتفاع.