لا ندري إلى متى يستمر مسلسل الاستهانة بأرواح السكان الذين يعيشون بالقرب من منابع السموم او ما تسمى بمرادم النفايات والتي أثارت الرعب في قلوب الناس خلال الأسبوع الماضي، عندما اشتعلت النيران في موقعي جليب الشيوخ وصبحان لردم النفايات مما تسبب في ظهور سحابة من الدخان والأبخرة الضارة، خيمت على المناطق المجاورة وأثرت على صحة الكثيرين وخصوصا الأطفال ومن يعانون من امراض الرئة والتنفس حيث لاحظنا ما تناقلته الصحف من صور مؤثرة لأطفال صغار يضعون الكمامات في المستشفيات ولا ذنب لهم في ذلك سوى أنهم يقطنون بالقرب من مواقع النفايات.
طمر الكارثة
وفي خضم التصريحات التي انطلقت بعد حادثة احتراق النفايات تبرز ضرورة وضع حد لهذه الكارثة البيئية التي لا ينفع طمرها بطبقة من التربة 'الجتش' لأن هذا الحل يعتبر مؤقتا لا تلبث أن تعود اثره المشكلة مجددا بعد أعوام قليلة عندما تنكشف النفايات فتبدأ الغازات الناتجة عن هذا الركام بالتفاعل لتنتج غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان، وكلاهما ضار بصحة الانسان، بالاضافة إلى الرائحة الكريهة التي تصدر منها وبشكل دائم لتحول حياة السكان القريبين من تلك النفايات إلى جحيم يومي لا يطاق.
خريطة النفايات
إن خريطة مواقع النفايات تكشف الخطأ الفادح الذي وقعت فيه البلدية عندما قامت بتوزيع تلك المواقع لتكون مكانا للردم نظرا لأنها موزعة بشكل يكاد يكون طوقا على مناطق السكن حيث يبلغ عددها الاجمالي 25 موقعا تتوزع ما بين الجهراء والدائري السادس والصليبية والجليب وأمغرة وأم الهيمان والوفرة وجزيرة فيلكا، التي لم تسلم هي الأخرى من النفايات الخاصة بالأنقاض السكنية لتحولها من أحلى الجزر إلى جزيرة تطمرها النفايات.
هذه المرادم العشوائية كانت وعلى مدى 30 عاما الماضية ككرة الثلج التي تتدحرج وتكبر يوما بعد يوم لتصبح بالنهاية مشكلة بلا حل.
مشاريع فوق المرادم
بعض المرادم طمرت في السابق فقامت المؤسسة العامة للرعاية السكنية باستغلالها وتوزيعها على المواطنين على هيئة بيوت حكومية وقسائم سكنية، مثل منطقة القرين التي مازلنا نتذكر قضية تسرب الغاز من المرادم فيها، بعد كل هذه السنين، لتصيب الكثيرين بالأمراض الناتجة عن استنشاق تلك الغازات الخطيرة على صحة الانسان، ولم تحرك الحكومة ساكنا حيث أغلق الملف من غير أن تستكمل الاجراءات الكفيلة بالحفاظ على صحة القاطنين فوق هذا البركان المعرض للانفجار في أي لحظة.
اصلاح الخطأ
إذا كانت الحكومة، ممثلة بجهاز البلدية، قد ارتكبت أخطاء فادحة في الماضي حينما اختارت تلك المواقع لتكون مكانا لردم النفايات وبعد التوسع العمراني الذي جعل بعض هذه المواقع تتوسط المدن السكنية، فقد جاء الوقت لتصلح ما أفسده الدهر، والاهمال، من خلال معالجة النفايات الموجودة في المواقع الحالية، وخصوصا تلك التي لا يفصلها سوى بضعة أمتار عن مساكن المواطنين والمقيمين وإغلاقها بشكل نهائى مع استحداث مواقع بلدية تكون بعيده جدا عن مناطق العمران الحالية والمستقبلية .
تجار الآخرين
ولا بأس أن تستفيد البلدية من تجارب الدول الأخرى فى الطرق الحديثة لمعالجة النفايات والاستفادة قدر الإمكان منها، واستحداث قوانين صارمه تمنع رمى المخلفات بالقرب من المناطق السكنية بشكل عشوائى ، ولا سيما أن هذه الظاهرة موجوده بشكل واضح فى المناطق التى تشهد عمليات بناء وتشييد تشوه المنظر العام وتؤثر نتائجها على صحه السكان ،كما هى الحال في جنوب السرة التى يمكن للزائر أن يرى كمية النفايات الموجوده فيها بالقرب من منازل المواطنين .
بيئتنا .. صحية
والأهم من تلك الخطوات التى ذكرناها ، هو تضافر الجهود للحد من تلك الظاهرة غير الصحية من خلال توعية المجتمع وتنقية ليكون قادرا على رفض هذه الممارسات الخاطئه والتى تؤثر على بيئهته التى تعيش فيها ، لتظفر بيئته نظيفة وخالية من الشوائب والسموم سواء في البر أو البحر أو الجو وليكون باستطاعتنا المحافظه على نظافة دولتنا ورفع شعار " بيئتنا .. صحية"
مصدر الأخبار القبس بتاريخ 15/3/2002