سوق العقار يُعد من أهم القطاعات الاستثمارية، باعتباره أحد الأصول المالية المُرتبطة بالاستقرار الاقتصادي والأمن الاجتماعي، لذلك عمدت الحكومة الكويتية في الفترة الأخيرة إلى إصدار حزمة من القوانين الخاصة بهدف تنظيم سوق العقارات، كما سعت إلى تحرير مجموعة واسعة من الأراضي التابعة لها، وعملت على إدخال مفهوم المطور العقاري ضمن سياستها الإسكانية، بهدف توفير مساكن بمساحات وأسعار تنافسية تتناسب وقُدرة الشراء لأصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة. اللجوء لمنظومة المطور العقاري بدأ استخدامه منذ الحرب العالمية الثانية، بهدف توفير مساكن سريعة التشييد، لحل مشاكل ارتبطت بالأمن الاجتماعي والاستقرار الأسري، باعتبار المسكن أحد مقوماته، لكن هذا المفهوم، وفي السنوات الأخيرة، طرأت عليه تطورات كبيرة، ليشمل مفهوم الرفاهية، من خلال استخدام المباني الذكية والصديقة للبيئة. خلال العقود الماضية حرصت الدول على إشراك القطاع الخاص لحل المشكلة الإسكانية، وجعلت منه قطاعاً جاذباً للاستثمار، ولأجل ذلك عملت على تمكينه من تطوير الأراضي الفضاء وبنائها وفق احتياجات المستفيدين وقُدراتهم المالية، على أن تنتهي بالتملُّك خلال فترات زمنية محدَّدة. ما حصل، وبعد إصدار قانون الرسوم على الأراضي الفضاء، قد تكون ارتداداته الاقتصادية أعظم من فكرة تحرير الأراضي بذاتها، وما تحققه خزينة الدولة من رسومٍ مالية، بحيث قد تؤدي إلى انهيار سوق العقار وإفلاس الكثيرين، كما قد تحصل أزمة مالية تعصف ببقية القطاعات الاقتصادية والقطاع الإنشائي. السبب الرئيسي الذي دعا بعض الحكومات إلى فرض رسوم على الأراضي الفضاء، هو وجودها ضمن مناطق حيوية، لذلك تطبيق الرسوم الهدف منه هو تعظيم مواردها المالية، للتحفيز على استغلالها ضمن تطوير المشاريع السياحية والتجارية. المفارقة أن الدول التي سمحت للأجنبي بشراء وتملُّك العقارات حققت نمواً استثمارياً وعوائد مالية كبيرة، حيث كان نصيب الاتحاد الأوروبي عشرات المليارات، وكذلك الحال للكثير من الدول العربية، كدولة الإمارات العربية، وجمهورية مصر العربية، والبحرين، واليوم المملكة العربية السعودية تتخذ ذات المسار. بالمناسبة، هذه الدول تقدِّم بدائل سكنية لمواطنيها ضمن تسهيلات وتمويل يسمح لأصحاب الدخول الضعيفة والمتوسطة. السماح للأجنبي بالتملُّك في القطاع العقاري السكني والتجاري سوف يعود بعوائد مالية، ويعمل على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، ويُسهم في نمو سوق العقار، فضلاً عن أن الوافد إذا ما مُكِّن من التملُّك في القطاع السكني، فإنه سيشعر بالأمان، ويقوم بالمزيد من الاستثمارات المحلية، وبذلك سنُحافظ على عدم هجرة الأموال المحلية، وزيادة تدفق الأموال الخارجية. عندما أقرَّت الحكومة قانون الرسوم على الأراضي الفضاء كان الغرض منه تحرير الأراضي، كجزء من حل المشكلة الإسكانية، لكن اليوم اختلف الحال، بعدما حررت الكثير من الأراضي الفضاء، وإسناد إنشائها إلى المطور العقاري، لذلك من الضروري مراجعة نِسب الرسوم التصاعدية، كي لا يؤدي ذلك إلى انهيار قطاع العقار، باعتباره عصباً ومن ركائز الاقتصاد.
News source https://www.aljarida.com/article/108168